تَحقق من إيمانك لتُحقق
تسألني فتيات عن واقع خروجي للعمل الصحافي والظهور على الشاشة التلفزيونية وسفري للبحث عن العمل بشكل لم يكن معتادا في مجتمعي ذلك الوقت خصوصا ، في كل مرة اجدني اجيبهن بطريقة مناسبة اكثر للسؤال الذي غالبا مايسأل بناء عن رغبة قد تختلف عن تجربتي وتتشابه عادة في حقيقة وصولي لطموحي.
ليست النقطة ماذا فعلت او ماذا قدمت او الى اين وصلت وانما “كيف؟” كيف حققت رغبتي؟ اجابتي لهن وان اختلفت بين الحين والاخر فإنها ترتبط دائما بأمر وهو “الإيمان” الإيمان بصحة ماتقوم به، وقدرتك القيام بذلك ، وشغفك الحقيقي لما ستفعل, ” الايمان” بنفسك هو اساس حريتنا الشخصية والفكرية والمهنية وغيرها.
هاني سندي شاب سعودي ابتكر المسجد الذكي بهدف توفير الكهرباء والمياه المهدرة ومزيد من الطمأنينة والراحة لمرتادي المساجد، وتم فعلا تطبيق فكرته بأحد مساجد محافظة جدة ، ليحظى بعدها برعاية من نائب امير منطقة القصيم لتطبيق فكرة المسجد الذكي في مساجد منطقة القصيم ومن ثم مساجد السعودية ،هاني درس علوم الحاسب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وحصل على درجة الماجستير في ذات الاختصاص من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ”كاوست”، ليعود بعدها من جديد الى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ،ولكن هذه المرة محاضرا وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره بعد، هذه ليست سيرة ذاتية لسندي ولكن في كل معلومة ذكرتها غاية.
نحن نتحدث بإستمرار عن البطالة ، والمناهج التي لم تعد تتماشى مع الواقع، وغياب المسؤلين عن طموحاتنا، وهي امور فعلا موجودة في واقعنا، لكن الى اي مدى تؤثرة علينا وتقتل طموحاتنا ؟
لهاني تجربة مع اسرته التي ارغمته دراسة الطب والجراحة لحصوله على معدل دراسي متفوق، رغم علمهم رغبته دراسة الحاسب الآلي ، اذ بدا عليه واضحا منذ دراسته في الصفوف الاولى المدرسية شغفه بهذا الاختصاص، وهذا امر طبيعي لأي اسرة تحاول تقويم وادارة ابنائها بالشكل الذي تراه مناسبا ، الا ان “إيمان” هاني بقدراته في علوم الحاسب دفعه لإتخاذ موقف صارم تجاه مستقبله حتى وان خسر ثلاث سنوات في دراسة الطب والجراحة او خسر اهتمام الاهل وتشجيعهم له في ذلك الوقت،بالتأكيد اليوم اسرة هاني فخورة به وبما حقق وبالدكتوراه التي ينوي دراستها قريبا في مجال لم يكن مقنعا لهم لاسباب قد تكون شخصية وقد تكون اجتماعية ،فنحن ندرك تماما تدخل بعض افراد المجتمع والاقارب في تفاصيل حياتنا.
حقيقة يدركها المجربون :اهالينا جزء اساسي من المجتمع بل انهم قلب المجتمع من منظورنا، فعند خروجي للعمل الصحفي داخل السعودية سأل من حولي اسرتي كيف تقبلون ذلك ، وعند سفري للعمل خارج السعودية اصبح السؤال اكبر ،وهكذا كان الامر عند خروج المبتعثين ثم المبتعثات وغيرهم،وكم منهم ومنهن انتهى طموحه وطموحها لتّدخل اقارب او جيران حتى خشي الاهل من القطيعة او ان يكونوا حديث الحي والمدينة،ليروا من بعدها من حرم عليهم اباحه لنفسه، وهذا امر ليس من السهل على الاهل تجاوزه الا بتحمل الشخص المسؤلية اولا ثم تحقيق الطموح وإثبات الذات ليسيروا بعدها خلفك.
هذه هي اجابتي لمن سألني من الفتيات اللاتي يقف المجتمع واهلهم بالدرجة الاولى عائقا امام طموحهن .. نعلم ان مجتمعنا قاسيا الى حد كبير خصوصا عند الحديث عن النساء، لكن لنتأكد بأن لكل شخص ظروف خلقت معه ليتعلم كيف يتجاوزها ولا يتم ذلك الا بالايمان الكامل لقدرته على الانجاز وتحمل المسؤولية .