تدوينات - Blogsتدوينة

لجين الهذلول حرة للمرة الثالثة

هذه هي المرة الثالثة التي نحتفل بحريتها وأرجو أن تكون الأخيرة وألا ترى لجين والناشطات والنشطاء الآخرين هذه التجارب من جديد...

العاشر من شباط/ فبراير، يوم الأربعاء عام 2021، أي بعد 6 سنوات من الإفراج عني ولجين يوم الخميس 12 شباط 2015، وهذه المرة أعيش لحظة الفرحة بخروج لجين من السجون السعودية، تماماً، كما يعيشها مغرودون وأصدقاء في “تويتر” وكما تتلقف الصحافة العالمية الخبر، وهي التجربة التي لم أعشها حينها، لكنني أمضيت أياماً وشهوراً بعدها أقرأ مواقف الأصدقاء الأوفياء والأصدقاء والزملاء المتحولين، ومن فرح لي فقط لأنه سمع بعودتي للحرية وهو لم يسمع بي من قبل، ومن غضب ومن تشفّى ونقل الشائعات طيلة مكوثي في السجن، هذه هي الحالة التي أتوقع حصولها مع كل معتقل رأي عندما يخرج وتعود إليه الحرية ويمضي الوقت الكافي مع أسرته وأحبائه.

تعرف أسرتي أسرة لجين، ولأنها تصغرني بسنوات فأنا اعرف اختها علياء أكثر، وكنت التقيتها للمرة الأولى عام 2013 في زيارة خاطفة لبلجيكا، سمعت حينها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن لجين مثلي مثل المتابعين الآخرين، إذ كانت تنشر أفكارها المختلفة عن مجتمعنا من خلال مقاطع فيديو من كندا حيث تدرس، وسواء اتفقت المتابعات مع افكار لجين بخاصة النسوية التي كانت تطرحها، أو اختلفت معها، إلا أن كثيرات منهن كن ينتقدنها ويتحفظن على أسلوبها الجريء أو المباشر، وهذا ما انتهت عليه المسألة عندما انضمت لجين لحملات المطالبة برفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية، إذ تحول الأمر من مع أو ضد قيادة المرأة للسيارة، إلى مع أو ضد مشاركة لجين في الحملات!

كانت لجين شخصية حيوية وجريئة وتدافع عن قناعاتها حتى النهاية. 

بالنسبة إلي وإلى ناشطات أخريات، عندما كان يدور نقاش حول هذا الصدام الذي دخلناه، فإننا كنا دوماً نؤمن بأهمية وجود تعددية في الحملات تمثل أطياف المجتمع بلا استثناء، ولعله من الطريف أن أذكر كم التعليقات التي وصلتني عندما وثقت قيادتي للسيارة في آب/ أغسطس 2011 بمقطع فيديو، والتي تشيد بارتدائي الحجاب كوني لا أرتديه على الشاشة. والحقيقة أنني ظهرت بالشكل الذي أظهر فيه عندما أكون في السعودية فقط، من هذه القصة تستطيعون فهم تلك الآراء المعارضة للغة لجين وجرأتها، بينما كانت هي تحقق المزيد من الانتشار لهذه الحملة، إلى أن جاء اليوم الذي حققت فيه أمراً كانت تفاتحني فيه كلما التقينا. “أتودين الذهاب معي؟”، كنت دائماً أتحجج بالعمل وارتباطاتي، لم تكن فكرة الذهاب الى الحدود لمحاولة الدخول تروقني، كنت أشعر بخطر كبير فيها، وعندما توجهت لجين وحدها في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، كان على أحد أن يتحرك تجاهها ليمدها بما تحتاج إليه، بعدما أمضت ليلة شتوية في سيارتها الجديدة وسط الصحراء، وكان الخيار الأفضل هو لمن يسكن الإمارات ولديه رخصة قيادة وليس من يقيم في السعودية وما زال تحت قيد حظر السفر بسبب جنسه، هاتفت منال الشريف لكنها امتنعت كونها باتت خارج حملات القيادة هذه، فانطلقت وحدي على أمل العودة إلى دبي في اليوم ذاته لتقديم برنامجي المباشر مساء على قناة “الآن”!

لقد بدأت نشر سلسلة عبر قناتي على “يوتيوب” وحسابي في “انستغرام”، لسرد وقائع وأحداث اعتقالي ولجين عام 2014 على الحدود الإماراتية- السعودية، إن كانت هذه التجربة قد أثرت بي وغيرت كثيراً في شخصيتي وحياتي، فتجربة لجين اليوم بعد ألف يوم وليلة خلف القضبان، حتماً صنعت منها “لجين” أخرى سنعرفها قريباً.

أذكر عندما التقيت لجين للمرة الأولى عام 2014 في دبي، سألتها “لماذا تركتِ كندا، لماذا لم تعيشي هناك؟”، أجابتني بأنها لا تستطيع العيش بعيداً من بيئتها ومجتمعها، وعندما التقيتها في واشنطن عام 2017 سألتها مرة أخرى، لماذا لا تعودين للعمل والإقامة في كندا؟ فأجابتني بأنها لا تستطيع العيش بعيداً من بيئتها ومجتمعها، وأنها تود العيش في السعودية، لكن الظروف الآنية تتطلب منها الإقامة في أبوظبي!

 لقد أخذت لجين خطوة جريئة بعفويتها التي يعرفها جيداً من حولها عام 2014، إلا أنها دفعت ثمنها غاليا على 3 مراحل خلال السنوات الست الماضية، هذه هي المرة الثالثة التي نحتفل بحريتها وأرجو أن تكون الأخيرة وألا ترى لجين والناشطات والنشطاء الآخرين هذه التجارب من جديد، فبخروج لجين لم ينتهِ انتظارنا ولم تنتهِ آمالنا بمزيد من الافراجات للنشطاء جميعاً، ولكنها فرحة جديدة تخفف من أحزاننا…

تم النشر في موقع درج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى