الأخذ بحق طفلة التلفزيون السعودي
استيقظ بعض افراد المجتمع السعودي منتصف شهر يوليو اي الايام الاولى من شهر رمضان الكريم مطالبا بمحاسبة وزير الاعلام على مقطع فيديو اثار حفيظتهم والذي ظهرت خلاله طفلة في برنامج من نوع برامج الكاميرا الخفية تستضيفها احدى مذيعات قناة الاطفال “اجيال” وتؤدي دور المحاورة التي تنقلب على ضيفتها بعد لحظات من الاتفاق بينهما على ان تؤدي الضيفة دور اشبه بالخيالي اي ان تدعي قيامها بمهنة لا تعمل بها وبعد لحظات “يطب” عليهما المعد ويبدأ بمحاسبتهما وما ان يرا وجه الطفلة يقترب من الخوف ينتهي المشهد بإعلانهما نهاية المقلب.
وفي خبر صحفي من نوع التحقيق كشف موقع العربية نت أن الاستاذ خالد البيتي المشرف العام على القناة اكد ان البرنامج بدأ منذ سنوات وانه يتم بحضور الوالد وموافقته وان كثر من اولياء الامور يتصلون لطلب مشاركة ابنائهم، وهنا اسأل المطالبين بمحاسبة القائمين على البرنامج و تحديدا وزير الاعلام كما طلبوا في هاشتاغ “عنف لفظي ضد طفلة بالتلفزيون السعودي” ماذا لو اقر ولي الامر موافقته، هل ستطالبون بمحاسبته؟ ارجو ان لا تكون الاجابة نعم لئلا نتذكر الطفلة لمى التي قتلت على يد والدها و لم يحكم بقصاصه حتى اللحظة ، مع فرق المقارنة طبعا.
عموما بعد ايام قليلة فقط من انتشار المقطع ،نشرت بعض المواقع الاخبارية انه يتم التحقيق في الامر وسيعتذر التلفزيون لاسرة الفتاة التي اعتبرها البعض”ضحية” وللفتاة نفسها كما سيتم إيقاف البرنامج ، ما اعتبره البعض انتصارا لمواقع التواصل الاجتماعية التي اخذت بحق الطفلة ، لم اتابع البرنامج من قبل مثل كثر كتبوا وشجبوا المشهد وهم لا يعرفون ان كان هناك ضحايا اخرون على حد وصفهم لكني اتفق الى حد كبير بأن برامج الاطفال يجب ان تكون هادفة اكثر وممتعة دون استغلال برائتهم ، الا اني استغربت ردة فعل معارضي البرنامج واهتمامهم فورا بمحاسبة وزير الاعلام دون معرفة تفاصيل الانتاج ، وبصراحة لا اعلم ان كان قرار إيقاف البرنامج اشبع غلهم ام انهم لازالوا غاضبين لان مرادهم بمحاسبة وزير الاعلام لم يتحقق .
عندما تحدث قضية رأي عام فغالبا ما تذهب المطالبات فورا بمحاسبة وزير و اعفائه من منصبه بدلا من المطالبة بالتحقيق في الامر وكشف الملابسات للمواطنين لاخذ الحيطة والحذر مستقبلا و لتوعية المواطن بحقوقه وحقوق اسرته.
سأذكر لكم بعضا من تغريدات غردتها بألم كبير قبل بضعة اشهر واترك لكم الحكم في التفكير ان كنتم فعلا تطالبون من اجل الطفولة ، ومن اجل مجتمع سليم:
– الى متى يتجاهل اعلامنا العربي حقوق الطفل .. وكيف تسمح الجهات الرسمية للاعلام والصحافة تصوير طفلة في مستشفى و اخرى شوهها العنف؟
– نتذكر صور لمى المعنفة اكثر من مستجدات محاكمة الجاني
– اظهار الاطفال كحالات في التحقيقات الصحفية بإرادتهم وهم قصر لايختلف عن فكرة تزويج طفلة بإرادتها و هي قاصر
– ريهام الحكمي ستكبر وتشفى باذن الله ، ما الذي استفدناه بظهور صورها غير ان البعض سيزعجها مستقبلا!
– طفل انضرب من اسرته ، وانتقل لدار رعاية ،قصة مؤلمة ،فلماذا نستغل قلة وعيه وهو قاصر ونعرض جسده ونعريه للكاميرا!
– لايخص الخطأ الاعلام وحده بل دار الرعاية الذي اؤتمن وجعل وصي على طفل معنف فكشفه للاعلام ، لو نظرتم لابنائكم المصابين بالسرطان والتوحد لوجدتم انكم تحذروا الناس من رؤيتهم فكيف تفعلون ذلك بأبناء اؤتمنتم عليهم
-التشهير بالضحية للتعاطف وتستير الجاني بتعاطف ، حياتنا عاطفية
– اخيرا ، لم ارى اي صورة للطفلة التي شفيت من الايدز مؤخرا ولا حتى تلك التي عوضوها في امريكا مليون بسبب الخطأ الطبي ، الله يعين اطفالنا .
لا اهدف من ذكرها وتذكرها سوى ان نكون منصفين غير مندفعين لاهداف شخصية و بالعامية “لا نفرد عضلاتنا” في ظروف وننساها في اخرى، ولن ادخل في نوايا الغاضبين واهدافهم من هذا الشجب بقدر ما اذكرهم ان صمتنا على تصوير اطفال سواء لجهل اسرهم او غيابهم هو صمت عن الحق وان انتهاء متابعتنا لملف لمى المعنفة وغيرها ليس الا مزيدا من الاطفال الضحايا وان كان الجاني من ذويهم
احسنتم صنعا بإيقاف برنامج وجدتم فيه عنفا لفظيا كما عرفتوه ، فلا تتجاهلوا انواع العنف الاكبر والاكثر تفشيا في مجتمعنا.