الإعلام النسائي الجديد
بدأت مشاركة المرأة السعودية في العمل الصحافي منذ عقود مضت، حيث كانت في حينها مشاركة ضعيفة بالمقارنة مع ما كان يقدمه الرجل وبالمقارنة كذلك مع ما تقدمه هي اليوم من عمل مهني في كافة أوجه العمل الإعلامي المطبوع منه و الإلكتروني و هي الأوجه التي بينها ينقسم تاريخ العمل الإعلامي بين التقليدي و الجديد.
ورغم اني دائما ما اكرر بأني لا احب استخدام افعل التفضيل في لغتي العربية وخصوصا الصحافية منها و ذلك بعد ان اصبحت بمثابة المعزز الاقوى لجذب قراء صحافتنا الا اني اجدها مناسبة كثيرا عند الحديث عن اولى سيدات السعودية اللاتي عانين الامرين وواجهن الصعاب لتفسحن لنا نحن بنات هذا الجيل الطريق او جزء منه ،وقبل ذكر ابرزهن اذكركم بأني اتحدث هنا عن الصحافة الورقية والالكترونية و ليس العمل الصفحي بمنصاته و وسائله المختلفه.
فوفق الموسوعة الإلكترونية”ويكيبيديا” تعد د. فاتنة امين شاكر اول صحافية سعودية عملت كرئيسة تحرير في مطبوعة سعودية “مجلة سيدتي” و ذلك في مطلع الثمانينات، في حين كانت الأستاذة خيرية السقاف أول صحافية سعودية تعين مديرة تحرير لصحيفة سعودية واسعة الإنتشار”جريدة الرياض” في منتصف الثمانيات، و هي الفترة التي تعد بحسب الكثيرين من اقسى المراحل التي عاشتها المرأة السعودية في مسعاها لإثبات ذاتها في فترة تنامي ما عرف حينها بحركة “الصحوة” في الجزيرة العربية.
الفرق بين د فاتنة و الأستاذة خيرية هو ان الاولى ترأست التحرير ولكن تحرير مجلة إسبوعية وهو مايحدث اليوم فهاله الناصر ترأس تحرير مجلة روتانا على سبيل المثال اما الأستاذة خيرية فقد كانت مديرة تحرير جريدة ورقية رسمية انذاك وكانت اول سيدة تعين في هذا المنصب على مستوى الجزيرة العربية وهو مالم يحدث حتى اليوم في السعودية تحديدا بينما نجد أن بعض الدول المجاورة قد تجاوزتها في ذلك، و وفقا لذلك فإن جدل تولي المرأة السعودية منصب رئيس تحرير صحيفة ورقية رسمية لازال قائما حتى اللحظة.
الحديث عن قدرة المرأة ومدى كفائتها في العمل الصحافي وعدمه غالبا مايبنى على نقاشات وجدال افتراضي خصوصا وان الاحصاءات المعتمدة في النقاشات غالبا ماتشمل الصحافيات العاملات بشكل منتظم وتستثني اولئك اللاتي يعملن من مكاتبهن المنزلية، وهو عدد لا بأس به بل انه يكاد يفوق عدد الموظفات الرسميات والمنتظمات في مكاتب بعض الصحف والمجلات خصوصا الالكترونية منها.
وبالعودة لزمن صحافة الافراد التي كانت البداية وانطلقت تحديدا من مكة المكرمة حيث الحرم المكي الذي ساهم بشكل كبير في نشر الثقافة والتقدم في مكة خصوصا..فإنه ربما يمكن القول بأن زمن صحافة الافراد قد عاد بشكل او بآخر مع عودة تقنية الانترنت وما ادخلته حتى اللحظة الينا من منتديات ومدونات ومواقع تواصل اجتماعي وحتى تقنية نشر الخبر بمقاطع الفيديو وابرزها يتمثل في اليوتيوب.
وهكذا لم تعد مشاركة المرأة الصحافية تعتمد على قبول هيئة صحافيين او جمعية لدخولها معترك رئاسة تحرير فالمكان اصبح يتسع للجميع وماعليها سوى تفجير طاقاتها واثبات وجودها وربما هذا مالاحظناه مؤخرا، فالاسماء الناعمة برزت من خلال المدونات اولا ثم انطلقت اسماء لم نكن نعرفها من قبل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وماتقوم به فعليا تجاوز اشكال الصحافة.
البعض جزم بأن الحراك الاجتماعي سيبدأ من عند المرأة السعودية فيما كانت هي تصنع الحدث وذلك على سبيل المثال عندما تتواصل مادة صحفية جيدة لحدث و قصة حول سيدة مع ناشطة اجتماعية كما تعرف نفسها لتتواصل هذه الناشطة مع صحافية تثق بها اولاً كونها سيدة مختصة بقضايا النساء ثانيا لانها اقرب لمجتمعها المنغلق او المنفصل عن الجنس الاخر الى حد كبير وما ان تطبخ المادة الصحافية في برنامج او مدونة او مقطع على اليوتيوب حتى تتلقفه الصحافة الورقية المحلية واحيانا العالمية..اقول العالمية لانه وبالعودة للمدة الماضية فقد توجهت الصحف العالمية لقضايا نساء المملكة ليس لانهن كما في الداخل شغلهم الشاغل المرأة بل لان الاعلام الجديد بات اقرب واكثر فهما و تفاعلا مع النساء السعودية بإختلاف توجهاتهن و قضاياهن.