مطلوب صحافة علمية !!
طلبت من العالمة اليمنية د.مناهل ثابت “دكتوراه في الهندسة المالية”و”دكتوراه في رياضيات الكم” قبول دعوتي لإستضافتها في برنامجي ،وبعد تفكير عميق استغرق ايام واسابيع قبلت د.مناهل الدعوة وبحذر كبير، سألتها اثناء تحضير اللقاء عن سبب مخاوفها فأجابتني:اخشى مقدمي العالم العربي الغير متخصصين في مجالي.
عند محاولات التبرير لدكتورة مناهل تذكرت، يوم هاتفت مجلة معروفة عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، لأسألهم عن الخطوات التي علي اتباعها ان كان طموحي ان اعمل في حقل الصحافة والاعلام،اجابني وقتها الصحفي المسؤول عن قسم التحقيقات الإجتماعية او ما شابه، بأنني لازلت في عمر مبكر وما علي سوى الإلتحاق بالقسم الادبي عند بلوغي المرحلة الثانوية حتى انمي مهاراتي الادبية واللغوية، لم يرق لي اقتراح الصحافي فقلت له :لكني جيدة ومتفوقة في اللغة العربية ولا احب الادب والشعر كثيرا ولا اميل لمواد الادب والإجتماعيات، فهل انا مجبرة لدراسة هذا الإختصاص والتعمق اكثر فيه لالتحق بالإعلام سواء علميا او عمليا، اجابني الصحافي بثقة:نعم
اليوم استطيع القول بأن الصحافي كان واقعيا وان لم يكن على صواب من وجهة نظري، فغالبية الزملاء في الاعلام من اختصاص الادب والتاريخ ولن اقول الثقافة التي ارتبطت في عالمنا العربي بالادب،وبصراحة ولأني عنيدة ،لم آخذ بنصيحة السيد الصحافي خصوصا اني كنت اكتشف يوما بعد يوم ميولي العلمية اكثر من إهتمامي بالادب والشعر.
اذكر ايضا اني اعترضت يوما عندما تخصصت في القسم العلمي في المرحلة الثانوية على معلمة اللغة العربية التي حذفت الجزء الاكبر من المنهج قائلة: ستتعلمن هذا الكم فقط فالباقي ليس من اختصاصكن بل وضع من اجل القسم الادبي ، فقلت لها : وهل اللغة العربية وضعت لعلم دون آخر بل ان قواعد اللغة العربية خلقت لأشخاص يفكرون في دقتها لا يحفظون فقط ويتعاطفون مع الكلمة، وبالتأكيد كنت في تلك اللحظة “مصطفى”،”دافورة” الصف وشعرت بغضب الزميلات مني وان كان مزاحا.
كانت هذه افكار تدور برأسي وقتها لاني ابحث عن افضل الطرق للوصول لهدفي “المستقبل المهني” ،وبعد المضي في العمل علمت ان حتى اللغة التي تعلمناها يتغير استخدامها ،فما تعلمناه من اعراب مرفوع بالضم ،ومبني على السكون، لم نعد نستخدمه فعليا في عملنا اثناء كتابة التقارير، فالمسألة مرتبطة بتطبيق هذه التفاصيل وذلك بتشكيل النص دون الحاجة لذكر كل ما حفظنا ،هي مجرد علامة منطقية توضع فوق الحرف وبلا اي تعقيد طالما انك تدرك الفكرة والسبب، وهي قاعدة تجمع فئة من البشر حولها لمساعدتهم على فهم بعضهم والتواصل، لا “الاستقعاد” كما يحدث احيانا عندما يخطيء شخص فنعامله وكأننا في سباق ،فضلا عن ذلك علمت عند تعمقي في مهنة التقديم والإعداد حاجتي للمعرفة العلمية المستمرة كلما استجد امر علمي او طبي ،وهو مايتطلب احيانا تحضيرا مسبقا عميق من المقدم والمحاور وبالطبع المعد ،فكيف سيكون الحال لفريق عمل فضل التركيز على الادب قبل العلم؟
في عالمنا واعلامنا العربي مررنا بإختبارات كثيرة ،شاهدنا التغطية للاولمبياد وضياع المحاورين وعدم معرفتهم الكافية بالرياضات الغير متداولة في عالمنا العربي،وتابعنا قفزة فيليكس التي احتار فيها الاعلام و العالم العربي ٢٠١٢ تحديدا فعرب الماضي لايشبهونا علميا ابدا،لا الوم د.مناهل ثابت لمخاوفها خصوصا وانها جربت صحافيين متخصصين في الولايات والمتحدة وبريطانيا وغيرها و لا انزه نفسي من هذا الخلل رغم اني قمت بعمل اللقاء والحمدلله.. الا اني اتمنى تصحيحه من قبل المؤسسات الْاعلامية اولا،فنحن بحاجة لقنوات علمية وبرامج تقدم المواهب العلمية لا الفنية، بشكل صحيح على ايدي علماء لا اكاديميين.