من أين تؤكل الكتف في الإعلام الجديد؟
في الزمن الجميل عندما كنا نطرب لاغاني على الكاسيت و من قبلنا كانوا على السيدي و الراديو ، عندما كان الافضل فقط يسمو وكانت المنافسة كبيرة و شريفة ،عندما كنا نشاهد عددا قليلا من البرامج بتأثير قليل ممن حولنا على ذوقنا ،عندما لم تكن هناك مواقع للاعلام الجديد تعمل باهداف مصطنعة وتحرك الذوق العام وفق مقاييس الاكثر متابعة ، كان وقتها للفن و الاعلام قيمة لا تصنعها الا كفاءات.
سؤال نردده باستمرار هل نحن من يصنع الذوق العام ام اعلامنا من يصنعه لنا و يرغمنا عليه ؟ والمقولة المرافقة لهذا التساول و الاكثر استخداما هي : بيدك جهاز و بامكانك تغيير القناة! نعم انها اجابة بسيطة و تبدو سهلة التطبيق و لكن الا يهمنا تقييم الذوق العام و تصحيحه لئلا ننجذب نحوه دون وعي فيختلط الحابل بالنابل!
لقد انخرطنا مع مشاهير الاكثر متابعة دون النظر لمستوى مايقدمونه ، نحن السبب اليوم في بزوغ نجم ذلك الهاوي المصطنع و تلك المخالفة لكل اسس العمل الفني او الاعلامي ؛ هناك لبس نعيشه اليوم وهو الفرق بين شخص جاذب لملايين المتابعيين بسبب طرق استخدامه لوسائل الاعلام الجديد و اخر لا يجيد استخدامها لكنه مبدع في عمله و راقي ، فالاول عرف من اين تؤكل الكتف في الاعلام الجديد و لو سألت احد متابعيه ماذا يقدم من فن او برامج لما عرف الاجابة و لو سألته مالذي يجذبك فيه لقال جماله و تغريداته المثيرة الخ ،بينما الاخر والذي يبدو اقل شهرة في مواقع الاعلام الجديد قد يكون خارجها اهم وارقى حتى في نظر اؤلئك الذين لا يتابعوه في تلك المواقع.
و هنا اقص عليكم واقعة شاهدتها بعيني قبل انغماسنا في العالم العربي في مواقع التواصل و الاعلام الجديد ،عندما كانت المنتديات هي الاقوى انذاك ، اذ وجدنا انا وزملائي جهاز زميلة لنا بعد ان ترجلت عنه و نسيت الصفحة مفتوحة ،وجدناها تنشر صور لها في احد المنتديات و تكتب عليها (ايش هالجمال ايش هالحلا يا …) صعقنا يومها بطريقة التسويق هذه و اليوم ادركنا انها فعلا نالت ما ارادت فكل ما يعرفه عنها المشاهد هو جمالها و بالكاد سيذكر لك احد اسم برنامج تقدمه او موضوع يهمه تناولته.
انها الشهرة يا رفاق ،تفعل بالبعض مالا تتوقعونه ،فالبعض ترك عمله و بدى في حلة مهرج عبر مواقع الاعلام الجديد ليكسب اصواتكم و متابعاتكم و ان تطاول البعض عليه وشتمه فكل ذلك لا يهم مادام قد حظى بهدفه وهو عدد المتابعين ،الهدف الذي سيمكنه من اعتلاء منصات المؤتمرات و تقديم العروض له و تصدره اغلفة المجلات ووو ،فهذه اقصر طرق الرزق في ايامنا هذه ،اما ذوقنا العام والكفاءات الجيدة ممن هم قليلو الحيلة الاعلامية فسيندثرون ان استمرينا على هذا الوقع فلن تقدم لهم العروض ثم لن نجد قناة او وسيلة نذهب لها كما اقترحتم علينا.