المفكر المنكر
في ذات اليوم الذي تم خلاله القبض على كاتب ومفكر سعودي بتهمة إساءة دينية واحتفال البعض بخبر القبض عليه و تزامنا مع الحوار المحتدم الذي كان يدور في وسائل التواصل الاجتماعي حول تحريم وتحليل معايدة المسيحين بعيد الكريسميس ، كنت قد شرعت في استضافة د.عبداللطيف ال الشيخ رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالظهور معي للحديث عن عمل المرأة ، اذ تحدث بكل سماحة ولطف هاتفيا على الهواء مؤكدا ان عمل المرأة بات مطلبا اجتماعيا وعملا وطنيا ، الدكتور عبداللطيف وان اختلفت معه فكريا بدا لي متصالحا مع ذاته منذ لحظة تنسيق الزميلة حنين موصلي معه خلف الكواليس، وقد كان ذلك كافيا للإلتزام بمحاور الحديث كما اتفقنا قبل الهواء، اذ تعد هذه سابقة في الاعلام السعودي ان يناقش رئيس جهة دينية عرفت طيلة السنين الماضية برفض ظهور المرأة في وسائل الاعلام خصوصا انها كما يرون عورة في صوتها وصورتها.
عموما وبالعودة لحفلة “القبض” التي اقيمت على شرف المفكر السعودي وبعد لقاء رئيس الهيئة كنت افكر ما اذا كان رجلا متزنا كما بدا لي من خلال الاتصال قد احتفل هو كغيره او حتى ابتسم لحظة القبض على المفكر؟ ، خصوصا انه القائل:” سنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بلا منكر” ،غير ان ما لمسناه في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال بعض الافراد والشخصيات المحسوبة على التيار الذي يتشابه مع الهيئة في بعض قناعته لم يكن كشعار هيئة الامر بالمعروف الذي جسده الدكتور عبداللطيف في عبارته آنفة الذكر !
يقول احدهم “اسألوا انفسكم هل تنتصرون للاسلام والرسول حقا بمحاربة الاساءة للمصطفى ام لانفسكم، اسألوا انفسكم اهكذا كان الرسول ينتصر لدينه ؟”
اختلافنا او اتفاقنا حول القبض على اي كائن كان بتهمة ما هو امر مختلف تماما عن فكرة الاحتفال والتشفي ، والتي اعلم انها مفاهيم ترسخت اجتماعيا في عقولنا منذ خلقنا واعلم ان بعضهم يؤمن ان الاحتفال بدم مذنب هو امر يزيد الايمان ،وادرك تماما ان مقالا كهذا لن يحاجج عقولهم ويغير افكارهم التي ترسخت خلال عقود كونت افكار المجتمع ، ولكني اتساءل ما اذا كان آن الاوان ان نفكر بعقولنا لا بعقول استأجرناها منهم وسنظل ندفع ثمن ايجارها الى اللحد؟
اخيرا اذكر لكم مثالا لتناقض البعض في مواقفه ،حيث وجدت احدهم يحتفل بدم المفكر بتغريدة يقول فيها “الا رسول الله” وقبلها بدقائق معدودة كان يرسل لحساب يطلب منه ارسال فيلم اباحي لمشاهدته اونلاين.